مرض العصر المظاهر

مرض العصر المظاهر


حب التباهي في المجتمعات اصبح يتخطى الحدود المعقولة, إذ يدفع بالأفراد أحياناً الى بيع الممتلكات أو الإستدانة لشراء سيارة فخمة أو ثياب أنيقة ومفروشات باهظة الثمن. وهكذا يتحوّل هذا الشعور العفوي الى مرض إجتماعي خطير يفتك بالعائلات المحـدودة الدخل, ويعرّض أفرادها لشتى أنواع الصراعات النفسية.
فالفرد الذي يخجل مثلاً من إنتمائه العائلي أو وضعه المادي, يتسلح بوسائل دفاع فردية مختلفة, منها التباهي بالمظهر الزائف, أو المقدرة على الإنتاج والإبداع, أو بالسعي للوصول الى مراكز مرموقة.
هنا يشير الإختصاصيون الى دور الثقافة والتطوّر الفكري في تحجيم التعلّق بالمظاهر ودفعه بإتجاه الصراع الحضاري. مع ذلك يشيرون بتحفظ الى أن الإبداع والإنتـاج في الدول النامية يندرج في إطار الـتباهي والغرور وتمييز النفس عن الآخرين في مجتمع تتآكل الغيرة أفراده, ويتمحور الصراع فيه حول المال والسلطة.حسب المعطيات الآنفة الذكر, يلاحظ أن حب الظهور المرضي يتفاقم في المجتمعات الضيقة حتى في طبقات المثقفين, ويتقلص في المجتمعات المتطورة التي تصهر الأفراد في بوتقة القيم وعدالة المؤسسات, ما يعني أن هذا الشعور يعتمد في تفاقمه على الصراع الفئوي وذلك تحقيقاً للنفوذ الفردي على حساب المجتمع. وهي حالة إجتماعية بدأت تتلاشى في الدول الغربية حيث يعتمد تحقيق الذات على الأسس الجماعية من دون إلغاء الهوية الذاتية المميزة.
في حال كهذه, يأمل الباحثون أن ينعكس أسلوب الحياة في الدول الكبرى على نفسية الأجيال الصاعدة في الدول النامية وخصوصاً الشرق أوسطية لتعاطيهم المباشر مع الغرب عن طريق الهجرة للعمل أو تحصيل العلم, أو بواسطة التواصل مع الأفكار المستوردة عبر تقنيات الإتصال السريعة.
يبقى السؤال: هل ستـظل العوامـل الإجتماعية في الدول النامية تغـذي قشور المظاهر, أم أن عدالة المؤسسات ستتعاون مع معطـيات العولمة الإيجابـية لتمد أجيالنا بالإطمئنان والإكتـفاء الذاتـي بعيداً عـن مركبات النــــقــــص المتوارثة؟




تعليقات

المشاركات الشائعة